من بعد قرار معالي وزير التعليم بإنشاء وحدات فكرية تحت مسمى وحدات التوعية الفكرية في إدارات التعليم والجامعات، للعمل وفق إستراتيجية محددة وحوكمة إدارية منضبطة حدث جدل واسع حول الفائدة المرجوة من إنشاء الوحدات بين مؤيد ومعارض ومحايد.
في الحقيقة بالتصفح السريع لأفكار أبنائنا ومع بدايات النقاش السريع معهم نجدنا بحاجة وضرورة لنشر الوعي الفكري ودعم هذه الوحدات، فالأفكار المغلوطة والمضللة تحيط بأبنائنا وتسكن بيوتهم عبر أجهزتهم الذكية المفخخة بالكثير والكثير من هذه الأفكار؛ لذلك جاء القرار للحاجة الماسة له.
لكن جوهر الإشكالية في وجود هذه الوحدات ليست الغاية منه؛ فالغاية منه معروفة وهدفها من حماية أبنائنا واضحة إنما الإشكالية في كيفية تفعيل هذه الوحدات ميدانيًا، والأساليب الممنهجة لهذا التفعيل.
من رأيي حتى تنجح هذه الوحدات في تقديم دورها المناط بها عليها أولاً أن تكون واقعية وألا تكون برامجها امتدادًا للبرامج السابقة التي لم تنجح ولم تقدم شيئاً في هذا الاتجاه.. وشريطة عدم امتدادها للبرامج السابقة ينبغي ألا يدير هذه البرامج الأشخاص أنفسهم الذين أداروا البرامج السابقة؛ لأنهم حتمًا سيسيرون في الاتجاه السابق نفسه بناءً على الأفكار السابقة.
وهناك نقطة مهمة جدًا لنجاح الوحدات الفكرية وحتى لا تكون أدوارها هامشية هي ألا تُقدم بالأسلوب الدعوي والتوعوي؛ فالمسألة في الوعي الفكري ليست دينية ولا دعوية إنما فكرية تربوية بالدرجة الأولى وتهتم بكافة الجوانب الفكرية والتربوية عند الأجيال؛ وحصر الوحدات الفكرية بالجانب التوعوي والدعوي يحصرها فقط في الجانب الديني ويقدمها أصحاب التوعية الإسلامية في قالب دعوي، والمسألة أبعد وأعمق من ذلك؛ فالوعي الفكري يشمل المعلم والمنهج وكذلك عمليات التفكير المعتدل وتعميق الوعي الفكري في المجتمع.
لذلك كله من الضروري جدًا اختيار الأشخاص أصحاب الفكر المعتدل وأن تخرج الوحدات الفكرية من الثوب الدعوي التوعوي وأن يتولى زمامها سواء بالتعليم العام على مستوى المدارس والإدارات وأيضاً بالجامعات أشخاص ليسوا ممن قادوا البرنامج في المراحل السابقة، بل من الضروري جدًا تجديدهم وخاصة على مستوى الوزارة وإدارات التعليم وبشفافية أكثر «إبعادهم» عن تولي أمور قيادة البرنامج، وأن يتم تأسيس قادة جدد للوحدات الفكرية في الإدارات والجامعات؛ لأنهم سيصبحون قيادة فكرية للمجتمع كله.
وهذه القيادة الفكرية لا بد أن تتسم بسمات الاعتدال الفكري والاتزان، وقدرتها على تعزيز مبادئ اللحمة الوطنية وقيم المواطنة، ونبذ التطرف والعنف بأشكالهما، وحماية أبناء الوطن من الأفكار الدخيلة والمسمومة.
أخيرًا.. ينبغي إعادة هيكلة الوحدات الفكرية على مستوى التعليم العام والعالي حتى لا تكون محلك سر وتنطوي تحت مظلة تحصيل الحاصل.
كاتبة سعودية
monaotib@
Mona.Mz.Al@Gmail.Com
في الحقيقة بالتصفح السريع لأفكار أبنائنا ومع بدايات النقاش السريع معهم نجدنا بحاجة وضرورة لنشر الوعي الفكري ودعم هذه الوحدات، فالأفكار المغلوطة والمضللة تحيط بأبنائنا وتسكن بيوتهم عبر أجهزتهم الذكية المفخخة بالكثير والكثير من هذه الأفكار؛ لذلك جاء القرار للحاجة الماسة له.
لكن جوهر الإشكالية في وجود هذه الوحدات ليست الغاية منه؛ فالغاية منه معروفة وهدفها من حماية أبنائنا واضحة إنما الإشكالية في كيفية تفعيل هذه الوحدات ميدانيًا، والأساليب الممنهجة لهذا التفعيل.
من رأيي حتى تنجح هذه الوحدات في تقديم دورها المناط بها عليها أولاً أن تكون واقعية وألا تكون برامجها امتدادًا للبرامج السابقة التي لم تنجح ولم تقدم شيئاً في هذا الاتجاه.. وشريطة عدم امتدادها للبرامج السابقة ينبغي ألا يدير هذه البرامج الأشخاص أنفسهم الذين أداروا البرامج السابقة؛ لأنهم حتمًا سيسيرون في الاتجاه السابق نفسه بناءً على الأفكار السابقة.
وهناك نقطة مهمة جدًا لنجاح الوحدات الفكرية وحتى لا تكون أدوارها هامشية هي ألا تُقدم بالأسلوب الدعوي والتوعوي؛ فالمسألة في الوعي الفكري ليست دينية ولا دعوية إنما فكرية تربوية بالدرجة الأولى وتهتم بكافة الجوانب الفكرية والتربوية عند الأجيال؛ وحصر الوحدات الفكرية بالجانب التوعوي والدعوي يحصرها فقط في الجانب الديني ويقدمها أصحاب التوعية الإسلامية في قالب دعوي، والمسألة أبعد وأعمق من ذلك؛ فالوعي الفكري يشمل المعلم والمنهج وكذلك عمليات التفكير المعتدل وتعميق الوعي الفكري في المجتمع.
لذلك كله من الضروري جدًا اختيار الأشخاص أصحاب الفكر المعتدل وأن تخرج الوحدات الفكرية من الثوب الدعوي التوعوي وأن يتولى زمامها سواء بالتعليم العام على مستوى المدارس والإدارات وأيضاً بالجامعات أشخاص ليسوا ممن قادوا البرنامج في المراحل السابقة، بل من الضروري جدًا تجديدهم وخاصة على مستوى الوزارة وإدارات التعليم وبشفافية أكثر «إبعادهم» عن تولي أمور قيادة البرنامج، وأن يتم تأسيس قادة جدد للوحدات الفكرية في الإدارات والجامعات؛ لأنهم سيصبحون قيادة فكرية للمجتمع كله.
وهذه القيادة الفكرية لا بد أن تتسم بسمات الاعتدال الفكري والاتزان، وقدرتها على تعزيز مبادئ اللحمة الوطنية وقيم المواطنة، ونبذ التطرف والعنف بأشكالهما، وحماية أبناء الوطن من الأفكار الدخيلة والمسمومة.
أخيرًا.. ينبغي إعادة هيكلة الوحدات الفكرية على مستوى التعليم العام والعالي حتى لا تكون محلك سر وتنطوي تحت مظلة تحصيل الحاصل.
كاتبة سعودية
monaotib@
Mona.Mz.Al@Gmail.Com